أكبر مشروع بغابات المانجروف بسيناء تنفذة الحكومة المصرية |
بدأت وزارات «الزراعة والبيئة والتعليم العالى والبحث العلمى» تنفيذ أكبر مشروع تنموى بيئى فى البحر الأحمر يهدف لدعم السياحة البيئية والأحياء البحرية والتكيف مع التغيرات المناخية. وقال الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة، إن الحكومة تنفذ حالياً مشروعاً بيئياً مشتركاً يساهم فى تحقيق خطط الدولة فى التنمية المستدامة، والحد من مخاطر التغيرات المناخية، خاصة فى المناطق الواعدة سياحياً بالبحر الأحمر، بتنفيذ مشروع غابات «المانجروف» فى مناطق متفرقة فى «جنوبى البحر الأحمر، وسيناء».
وأضاف «البنا»، فى تصريحات أمس، أن «المشروع يعتمد على رؤية متكاملة للتنمية، خاصة تنمية الثروة الحيوانية والسمكية اعتماداً على الميزة النسبية للمنطقة»، موضحاً أن الجمال والماعز يمكنها أن تتغذى على الأجزاء الخضراء لنباتات المانجروف، ومن الممكن أن يعتمد الإنتاج المحلى لـ«العسل» على أزهار المانجروف، وتوفير أشجارها كمكان ومأوى للعديد من الكائنات البحرية مثل الأسماك والمحارات وبيئة جاذبة لتنمية وإنتاج «الجمبرى»، خاصة أنه تم تجريب إنتاج عسل النحل على غابات المانجروف، وأعطى نتائج جيدة وعسلاً ذا جودة عالية، ويعد هذا المشروع من المشروعات الاستثمارية للسكان المحليين.
وشدد الدكتور سيد خليفة، رئيس قطاع الإرشاد الزراعى، على أهمية التوسع فى زراعة «المانجروف» فى ساحل البحر الأحمر، لقيمته الاقتصادية والبيئية الكبيرة، رغم أن الاستخدام المباشر لها فى مصر لا يزال محدوداً حالياً، لكن الاستخدام غير المباشر مثل الخدمات البيئية موجود بشكل واضح نسبياً، موضحاً أن المنطقة تحتوى على أهم الأنظمة البيئية التى يمكنها تغيير خريطة البيئة إيجابياً.
وقال «خليفة»، خلال ورشة العمل الإعلامية لـ«مشروع التأهيل البيئى والاستزراع لأشجار المانجروف على ساحل البحر الأحمر» وينفذه مركز بحوث الصحراء بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى، إن التوسع فى المشروع يساهم فى الحد من مخاطر التغيرات المناخية، ويحول المنطقة إلى إحدى أهم الوجهات السياحية والبيئية، خاصة مع ارتباط المشروع بتحسين الأوضاع البيئية لإحدى القرى الريفية للصيادين والعاملين بمشروع زراعات المانجروف. وأضاف رئيس القطاع، الملقب بـ«أبوالمانجروف»، أن المشروع يعمل كمنطقة عازلة بين المنظومات الأرضية والبحرية ويحافظ على الشاطئ ويحميه من التآكل والغمر الناتج من ارتفاع مستوى سطح البحر لارتباطه بكائنات أخرى مثل أعشاب البحر والشعاب المرجانية، كما يلعب دوراً مهماً فى الحفاظ على الاستقرار والاتزان البيئى، موضحاً أن الميزة النسبية لزراعة الأشجار تكمن فى أنه ينمو على الصخور المرجانية الساحلية، وأيضاً فى الشقوق والفجوات الموجودة بالصخر، ويحتل أيضاً دلتات الوديان، حيث تتراكم الرواسب المحمولة بمياه الأمطار.
وأوضح «خليفة» أن «بيئة المانجروف ترتبط بوجود الكائنات الحية من النباتات والحيوانات المصاحبة، وبالتالى تعتبر مخزوناً للمادة الوراثية، حيث تعد أشجاره مأوى للطيور وللعديد من الحيوانات البحرية والأرضية، كما أنه يحمى الشواطئ من التآكل ومن ارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض»، مشيراً إلى أن وجوده يحد من الملوحة الزائدة وتصل درجتها فى مكان زراعته إلى 50 جزءاً فى الألف بينما تزداد بشكل مفاجئ فى الأراضى المجاورة مباشرة لنحو أربعة أمثال، وتتخلص الأشجار من الملوحة عن طريق الإفرازات والتخلص من الأوراق المسنة والأعضاء المشبعة بالأملاح.
وكشف أنه يجرى تنفيذ مشروع لإكثار والتوسع فى مساحات المانجروف بساحل البحر الأحمر، وتم إقامة 4 مشاتل لإكثار غاباتها بـ«سفاجا، حماطة، شلاتين» بالبحر الأحمر، ومحمية «نبق» بجنوب سيناء لإنتاج 25 ألف شتلة مانجروف فى العروة الواحدة بمعدل عروتين سنوياً، حيث إن نبات المانجروف ينتج بذوره مرتين فى العام إحداها فى «مايو، يونيو» (الصيف)، والعروة الأخرى «أكتوبر - نوفمبر» (الخريف) ليصل الإجمالى لـ50 ألف شتلة سنوياً، موضحاً أنها تستخدم فى إنتاج الأخشاب المنشورة ذات الصفات المرغوبة مثل الكثافة العالية ومقاومة الحشرات الثاقبة، وتستخدم أخشابه عن طريق السكان المحليين فى صناعة المراكب، وبعض أدوات الصيد. أما غير المنشور فيعتبر أشهر منتجات الخشب على المستوى المحلى، ويستخدم كوقود إما بشكل مباشر، أو عن طريق تحويله لفحم، ولا تزال الموارد الدباغية والأصباغ المستخرجة من المانجروف شائعة الاستخدام على المستوى المحلى خاصة فى الصعيد، لارتباطها بأنشطة الدباغة.
ولفت «خليفة» إلى أنه بالرغم من أن السياحة البيئية لم تستخدم حتى الآن على نطاق واسع فإنه يمكن اعتبارها مصدراً مهماً للدخل، إذا ما استخدمت مناطق «المانجروف» كبقع خضراء لمشاهدة الطيور والتنوع الحيوى، خاصة أن معظم مناطقها توجد بالقرب من مراكز الجذب السياحى، وتعد «المانجروف» الموجودة بمحمية راس محمد ومحمية نبق بجنوب سيناء من أكثر المناطق المستخدمة فى السياحة البيئية، وقد يكون هناك استخدامات صناعية أخرى محتملة لها مثل «الدوائية» لكنها لم تتم حتى الآن.
وقال «خليفة» إنه يجرى حالياً تنفيذ أول قرية بيئية نموذجية بمحافظة البحر الأحمر تحمل اسم قرية «القلعان» جنوب مرسى علم، تستفيد من الميزة النسبية لمشروع زراعة أشجار المانجروف بتكلفة 5 ملايين جنيه تبرعت بها جمعية «هيا لتنمية المجتمع» بسوهاج، مضيفاً أنها تخدم 18 أسرة من الصيادين، والعاملين بمزرعة وصوب أشجار المانجروف، وتعتمد على الطاقة المتجددة، كما يجرى حالياً توصيل مرافق الصرف للحد من أى تسرب للملوثات لحماية البيئة البحرية والسمكية، واصفاً إياها بأول قرية مصرية تحمل صفة «زيرو تلوث».
وكشف اللواء عاطف وجدى، رئيس مجلس مدينة مرسى علم، عن أنه يجرى حالياً الإعداد لإطلاق أحد أكبر المشروعات السياحية العربية الذى يحمل اسم (مارينا علم)، بتكلفة تتجاوز 10 مليارات جنيه، ويستهدف إقامة منشآت سياحية ومنتجعات، فضلاً عن أنشطة سياحية ترتبط بالبحر الأحمر والمحميات الطبيعية للاستفادة من الميزة النسبية للمنطقة للترويج السياحى لها دولياً، مشيراً إلى التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالمحافظة برعاية اللواء أحمد عبدالله محافظ البحر الأحمر للانتهاء من جميع المعوقات وحلها لاستئناف تنفيذه. وقال «وجدى» إن «مشروعات المياه التى تنفذها الدولة، إضافة إلى (توليد الطاقة)، خاصة النظيفة، تستهدف تحقيق التنمية والاستقرار بمنطقة ساحل البحر الأحمر فى القرى التابعة للمدينة، وربطها بالاستثمارات التنموية الأخرى ومنها «السياحية، الدينية»، التى تُعد عاملاً جاذباً لمنطقة قرية الشيخ الشاذلى الواقعة على بعد 150 كم غرب مدينة مرسى علم، و200 كم شرق مدينة أسوان عند التقاء 4 أودية رئيسية، وهى عبارة عن منشآت ومبانٍ سكنية واستراحات لزوار مسجد سيدى أبى الحسن الشاذلى وبعض المقامات الدينية، موضحاً أنه نظراً لالتقاء هذه الأودية عند قرية الشيخ الشاذلى أقامت وزارة الرى بالاشتراك مع جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة سدود حماية للمنشآت الدينية ومبانى القرى، إضافة إلى حاجز توجيه لحماية المسجد.
وأضاف رئيس المدينة أنه تم إنشاء 4 سدود إعاقة بمنطقة سيدى أبى الحسن الشاذلى، لحماية المزار الدينى، والتى تضم سد أم سمرة وطوله 130م وعرضه 98م، وارتفاعه 11م، وسد أم حرينة وطوله 130م، وعرضه 92م، وارتفاعه 9م، وسد رقم (w3) بطول 110م، وعرض 73م، وارتفاع 11م، وسد أم دهييس بطول 200م، وعرض 67م، وارتفاع 9م، مشدداً على أن هذه السدود تستهدف الاستفادة من مياه السيول من خلال إقامة محطات تحلية لاستخدامها فى تلبية احتياجات الاستهلاك المحلى بمنطقة سيدى أبى الحسن الشاذلى، وحماية المزار الدينى من مخاطرها.
وأضاف «وجدى» أنه تم إنشاء أول قرية تعتمد على توليد الطاقة الشمسية بـ«القلعان»، والتى تعد أول قرية سكنية يتم تنفيذها بالكامل وفقاً للنظام البيئى، مشيراً إلى أن الدولة تنفذ عدداً من المشروعات لتطوير العملية التعليمية والصحية بإنشاء مستشفى جراحات اليوم الواحد لخدمة المنطقة، لافتاً إلى تنفيذ مشروعات للإسكان الاجتماعى خاصة مع انتعاش حركة السياحة مرة أخرى بالمنطقة، مشيراً إلى أنه تم إنشاء 1200 وحدة سكنية، فضلاً عن الإعداد لتنفيذ منظومة للصرف تناسب كل منطقة عمرانية وسكنية.
وأشاد بدور المجتمعات المحلية والمناطق البدوية فى حماية المحميات الطبيعية من مخاطر التدهور البيئى أو تعرضها للاعتداء خلال ثورة يناير وما تبعها، مشيراً إلى أن أهالى المنطقة هم أول من حموها ومنها محمية وادى الجمال ومحمية وادى علبة.
نقلا عن الوطن
بروتوكول نشر التعليقات من الحدث السابع